الشيخ صبحي الهيتي فارس المنابر وعميد الخطباء
الحمد
لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان الا على الظالمين ،
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ... وعلى آله وصحبه أجمعين ...
اما بعد :
فإنَّ من نعم الله على خلقه أن هيأ لهم رجالاً يدلونهم على طريق الهداية المستقيم ، فيكونوا مفاتيح للخير تنهل الناس من علومهم النافعة ، وأخلاقهم الطيبة الزكية ، حتى تكون لهم عوناً لهم في انهاء مشوارهم الايماني الذي فرضه الله عليهم ...
وإن مما يفخر به ديننا أن له رجاله الذين يدافعون عنه وينافحون ، فينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، امتثالاً لقول الباري جل جلاله مخاطباً نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم (( ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) ... وهكذا برز علماء أجلاء ، ووعاظ وخطباء ، ومفكرين وحكماء في كل عصر من عصور الاسلام الخالدة ، ليقف على رأس عصرنا الحاضر عالم كبير من علماء الانبار ، تلك البقعة المباركة التي امتازت بصفات كثيرة خصها الله تعالى بها ، فهي التي أنجبت العلماء الفهماء ، ومنها خرج المجاهدون الاقوياء ، وفي بيوتها وجد الكرم والشهامة والوفاء ...
حديثنا اليوم عن عالم كبير ، يعد الرقم الأول في قائمة خطباء ومتكلمي العراق ، انه الشيخ الفاضل المرحوم ( العلامة صبحي خليل الهيتي ) عضو اللجنة الاستشارية لهيئة علماء المسلمين في هيت .
حقاً أن الشيخ صبحي الهيتي فارس المنابر وعميد الخطباء كما يصفه كثير ممن رأوه واستمعوا إليه في محاضراته وخطبه ... فهو صاحب الشخصية العظيمة والعقلية الجبارة والثقافة العريقة والعلمية المتنوعة . فالتعرف على تفاصيل هذا العالم وهذا الشيخ يمثل إضافة للقارئ وأبواب تفتح على طرق جديدة لمعرفة ما جرى وما سيجري واستخلاص حكمة ونظرة العلم عن أمورٍ كثيرة تهم كل منا اليوم وفي هذا الإطار تمثل تجربة الشيخ الفاضل عالماً موغلاً في السنوات التي مرت يمكن لمن يتجول معها أن يستنبط الكثير من الحكمة والمتعة والذكر ...
والشيخ الفقيد – رحمه الله تعالى – هو صبحي خليل عبد فليح الهيتي ، وهيت هي احدى الاقضية الغربية في محافظة الأنبار ، ولد رحمه الله عام 1926م ، ودخل (الملا) لطلب العلم ، وهو المأوى الوحيد الذي ان ياوي إليه طلاب المعرفة والعلم آنذاك ، وقضى فيه مدة من الزمن قبل أن ينتقل إلى مرحلة الدراسة الإبتدائية في عام 1942- 1943م ، ولم يلبث الشيخ الفاضل رحمه الله أن دخل المدرسة الدينية في جامع الفاروق في مدينة هيت التي كانت تضم نخبة طيبة ممن ذاع صيتهم وصار لهم شأن كبير في عصرنا الحاضر ... وبعد تخرجه من هذه المدرسة عمل إماماً وخطيباً في ( لواء ديالى ) ...
تتلمذ الشيخ صبحي الهيتي رحمه الله على عدد كبير من كبار المشايخ والعلماء منهم الشيخ العلامة عبد العزيز السامرائي ، والشيخ العلامة عبد الجليل الهيتي ، والشيخ طه علوان السامرائي ، والشيخ ضياء الدين الخطيب ... وغيرهم
أما زملاؤه الذين عاصروه ونهلوا سوية من بحر العلم فمنهم الشيخ المرحوم عبد الغفور فواز ، والشيخ الدكتور احمد الكبيسي ، والشيخ إبراهيم جدي ، والشيخ عبد الملك السعدي ، والشيخ أمجد الزهاوي ، والشيخ ياسين تركي ، والشيخ عبد الرزاق حبيب رحمه الله .
وللشيخ رحمه الله عدد من الأبحاث والدراسات المخطوطة التي لم تجد النور حتى يومنا هذا ... وقد سافر لأداء فريضة الحج عدة مرات ، ومثّل العراق في عدة مؤتمرات وندوات في بعض الدول الإسلامية ... وقد شغل الشيخ مناصب كثيرة رحمه الله منها شغل منصب رئيس المجلس العلمي في وزارة الأوقاف ورئيس لجنة التوعية في محافظة الأنبار ، وعضو الهيئة الاستشارية العليا في هيئة علماء المسلمين فرع هيت ... والشيخ متزوج ثلاث مرات وله ثلاثة أولاد وبنت واحدة تزوجوا جميعاً ... ولفقيدنا الكبير عدد من المواهب ، فإضافة الى حدة ذكائه فإن له قوة في نظم الشعر ، وله اسلوب رائع في صياغة العبارات ، وقابلية كبيرة على استيعاب الآخرين ، وطريقة مميزة لايصال الفكرة الى قلوب وعقول مستمعيه .
فإنَّ من نعم الله على خلقه أن هيأ لهم رجالاً يدلونهم على طريق الهداية المستقيم ، فيكونوا مفاتيح للخير تنهل الناس من علومهم النافعة ، وأخلاقهم الطيبة الزكية ، حتى تكون لهم عوناً لهم في انهاء مشوارهم الايماني الذي فرضه الله عليهم ...
وإن مما يفخر به ديننا أن له رجاله الذين يدافعون عنه وينافحون ، فينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، امتثالاً لقول الباري جل جلاله مخاطباً نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم (( ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) ... وهكذا برز علماء أجلاء ، ووعاظ وخطباء ، ومفكرين وحكماء في كل عصر من عصور الاسلام الخالدة ، ليقف على رأس عصرنا الحاضر عالم كبير من علماء الانبار ، تلك البقعة المباركة التي امتازت بصفات كثيرة خصها الله تعالى بها ، فهي التي أنجبت العلماء الفهماء ، ومنها خرج المجاهدون الاقوياء ، وفي بيوتها وجد الكرم والشهامة والوفاء ...
حديثنا اليوم عن عالم كبير ، يعد الرقم الأول في قائمة خطباء ومتكلمي العراق ، انه الشيخ الفاضل المرحوم ( العلامة صبحي خليل الهيتي ) عضو اللجنة الاستشارية لهيئة علماء المسلمين في هيت .
حقاً أن الشيخ صبحي الهيتي فارس المنابر وعميد الخطباء كما يصفه كثير ممن رأوه واستمعوا إليه في محاضراته وخطبه ... فهو صاحب الشخصية العظيمة والعقلية الجبارة والثقافة العريقة والعلمية المتنوعة . فالتعرف على تفاصيل هذا العالم وهذا الشيخ يمثل إضافة للقارئ وأبواب تفتح على طرق جديدة لمعرفة ما جرى وما سيجري واستخلاص حكمة ونظرة العلم عن أمورٍ كثيرة تهم كل منا اليوم وفي هذا الإطار تمثل تجربة الشيخ الفاضل عالماً موغلاً في السنوات التي مرت يمكن لمن يتجول معها أن يستنبط الكثير من الحكمة والمتعة والذكر ...
والشيخ الفقيد – رحمه الله تعالى – هو صبحي خليل عبد فليح الهيتي ، وهيت هي احدى الاقضية الغربية في محافظة الأنبار ، ولد رحمه الله عام 1926م ، ودخل (الملا) لطلب العلم ، وهو المأوى الوحيد الذي ان ياوي إليه طلاب المعرفة والعلم آنذاك ، وقضى فيه مدة من الزمن قبل أن ينتقل إلى مرحلة الدراسة الإبتدائية في عام 1942- 1943م ، ولم يلبث الشيخ الفاضل رحمه الله أن دخل المدرسة الدينية في جامع الفاروق في مدينة هيت التي كانت تضم نخبة طيبة ممن ذاع صيتهم وصار لهم شأن كبير في عصرنا الحاضر ... وبعد تخرجه من هذه المدرسة عمل إماماً وخطيباً في ( لواء ديالى ) ...
تتلمذ الشيخ صبحي الهيتي رحمه الله على عدد كبير من كبار المشايخ والعلماء منهم الشيخ العلامة عبد العزيز السامرائي ، والشيخ العلامة عبد الجليل الهيتي ، والشيخ طه علوان السامرائي ، والشيخ ضياء الدين الخطيب ... وغيرهم
أما زملاؤه الذين عاصروه ونهلوا سوية من بحر العلم فمنهم الشيخ المرحوم عبد الغفور فواز ، والشيخ الدكتور احمد الكبيسي ، والشيخ إبراهيم جدي ، والشيخ عبد الملك السعدي ، والشيخ أمجد الزهاوي ، والشيخ ياسين تركي ، والشيخ عبد الرزاق حبيب رحمه الله .
وللشيخ رحمه الله عدد من الأبحاث والدراسات المخطوطة التي لم تجد النور حتى يومنا هذا ... وقد سافر لأداء فريضة الحج عدة مرات ، ومثّل العراق في عدة مؤتمرات وندوات في بعض الدول الإسلامية ... وقد شغل الشيخ مناصب كثيرة رحمه الله منها شغل منصب رئيس المجلس العلمي في وزارة الأوقاف ورئيس لجنة التوعية في محافظة الأنبار ، وعضو الهيئة الاستشارية العليا في هيئة علماء المسلمين فرع هيت ... والشيخ متزوج ثلاث مرات وله ثلاثة أولاد وبنت واحدة تزوجوا جميعاً ... ولفقيدنا الكبير عدد من المواهب ، فإضافة الى حدة ذكائه فإن له قوة في نظم الشعر ، وله اسلوب رائع في صياغة العبارات ، وقابلية كبيرة على استيعاب الآخرين ، وطريقة مميزة لايصال الفكرة الى قلوب وعقول مستمعيه .
يعتبر فقيدنا الغالي الشيخ صبحي الهيتي من العلماء البارزين وممن يعدون على الأصابع في إجادة فن الخطابة ، مع ما كان يتمتع به – رحمه الله – من وقار وحكمة وسمت وطيب نفس وجود وخلق عظيم ... وهو ممن اجهد نفسه وتعب كثيراً ليرتقي سلم المنابر ليكون بعدها خطيب الخطباء في العراق بلا منازع ، وهو يطلب من الخطباء أن يتمتعوا بصفات النجاح من اجل أن يقوموا بواجبهم على الوجه الأكمل والأفضل ، وكان رحمه الله يقول : إن في رأيي أن أهم شروط الخطيب الناجح هي أن يكون غزير العلم ، متمكناً من الخطبة ولا بأس عليه من الاستفادة من الخطباء ذوي النبرات المؤثرة في المستمعين ، ذلك أن الخطبة هي فن أولاً وأخيراً ، ومن لا يجيد هذا الفن انصحه بالابتعاد عنه ؛ لأن مجرد لف ( العمامة ) وارتقاء المنبر لا يخلق خطيباً ناجحا ، إضافةً إلى ضرورة تحلي الخطيب بالمظهر الخارجي الحسن لأن حسن المظهر وجمال الشكل يؤثران في المستمع تأثيراً إيجابياً كبيراً ...
وقد تعلم شيخنا الفقيد تلك التجربة يوم ان كان مستمعاً إلى لخطباء ، ممن كان جيداً منهم ، يقول الشيخ صبحي الهيتي : لقد تأثرت منذ الصغر بخطب الشيخين( ضياء الدين وعبد الجليل ) وأحببت القراءة في كل ما يكتب ما خطب وازداد ولعي باحتراف الخطابة ، ثم حباني الله تعالى بموهبة أدبية فصرتُ أتكلم في بعض المجالس وكأني اتخذتها للتدريب ، وحين أصبحت خطيباً اعتدت على كتابة الخطبة منذ يوم الأحد ثم أزيد عليها وأنقص منها حتى ألقيها على الناس يوم الجمعة فأتنفس الصعّداء ثم أبدأ مجدداً بكتابة خطبة أخرى يوم الأحد .... وبعد حوالي ستة أشهر بدأت أميلُ إلى الارتجال وخطبت مرتجلاً في عام 1954 وهكذا اتخذت طريق الارتجال في الخطبة من اختصاصي بخصوصية القراءة والتهيئة للخطبة ... ولا أكتمكم حين أكلف بخطبة في مؤتمر أو جمعة أجد حرارة الحُمى تجتاحني كأنني أخطب أول للمرة الأولى .. لأن الخطيب كالمعلم تماماً فإذا كان المعلم لا يؤثر في طلابه فهو ليس معلماً ناجحاً وكذلك أمر الخطيب إذا لم يستطع التأثير في مستمعيه فليترك الميدان لغيره .
هذا فيما يتعلق بفن الخطابة والدعوة إلى الله ، ولشيخنا الكريم المغفور له تجربة مع طلب العلم ومن ثم تعليم الآخرين وطريقة الإفتاء ، حيث يتحدث الشيخ رحمه الله عن نفسه في هذا الأطر فيقول : أنا درست في المدارس الرسمية ( الإبتدائية والثانوية ) ولي طلاب عندي يرغبون بالدراسة عندي على الطريقة القديمة ( الملا ) ، وفيهم الكثير من خريجي وطلاب الكليات فقد درستُ في الفقه كتاب ( الاختيار في الفقه الحنفي ) وأجدني ميالاً لتدريس الكتب القديمة حيث العلم والذخيرة المعرفية وكذلك ما هو جديد مما اتصل بهذه الكتب القديمة نفسها وكذلك أنا من النوع الذي يخاف من الإفتاء عموماً ولكن إذا سُئلت ووجدت نفسي متمكناً من الإجابة أستعين بالله وأفتي السائل ، لأني عندما درست في المدرسة الدينية كنت أتصور أن المذهب أمر عائلي وقد سألت عائلتي فقالوا إنهم شافعية فقرأت فقه الإمام الشافعي وعندما أكملت دراستي اخترت دراسة الفقه الحنفي وذلك كله على طريقة العلماء ممن شعارهم : (إذا صح الحديثُ فهو مذهبي) ولهذا أميل إلى رأي إمام ما حين أرى رأيه في مسألة أقوى من أدلة الحنفية ...
إنَّ ما تتعرض له أمتنا الاسلامية اليوم من مآمرات متنوعة تفرض على أبناء الأمة مضاعفة الجهود للرنهوض بواقع الأمة لغرض تبليغ الرسالة وارشاد بني البشر ، ولفقيدنا رحمه الله تعالى اسهام كبير في توعية الناس بهذا الشان فيقول : أذا أردنا لأمتنا الإسلامية أن تكون قائدة للبشرية يجب أن ننظر أولاً الى الأسباب التي جعلتها خير الأمم ، كما في قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) ، فمن لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر لن يكون من الأمة الخيرة وكذلك حال من لا يؤمن بالله ، وأمرنا بالمعروف يجب أن يكون بجملة تخلو من المبالغة التي تبعث الملل في النفوس ( وكذلك جعلناكم امة وسطاً ) وهذا الذي أتحدث عنه هو جهاد ، وإذا فاتنا الجهاد بالسيف فأرجو أن لا يفوتنا الجهاد بالكلمة ، ولا يتصور أحد أن هذه الطريق ميسرة وسهلة بل هي شائكة وكما يقال (( الآلام طريق الآمال )) وإذا أردت أن تقطف وردة فيجب أن تمر بالشوك يقول ( كونفو شيوس ) فيلسوف الصين : ليس عيباً على المرء أن يسقط في حفرة إنما العيب أن يستسلم فلا يحاول الخروج .
ويتحدث فقيدنا الغالي عن مستقبل الاسلام فيقول : مستقبل الإسلام مستقبل عظيم لأن الأمر كله لله تعالى ويلزمنا أن ننظر للأمر هذه النظرة وما قرأناه وادر كناه هو أن الحق يجب أن يسود كما وعد الله تعالى عباده ، ومهما تعاظم شأن الأعداء من صهاينة وامريكان ويهود وغيرهم فلا بُد أنهم سيسقطون . يروى أن أعرابياً حاور يهودياً بقوله : إننا سنقتلكم ، فقال اليهودي : نعم ولكن ليس الآن ، فقال متى إذن ؟ فأجابه اليهودي : عندما تكون جماعة صلاة الفجر كصلاة الجمعة ، وقال يهودي آخر : قرأت ودرست الإسلام كثيراً فوجدته نهراً قوي التيار ، قالوا: كيف نوقفه ؟ أليست حربنا للمسلمين أجدى ؟ فقال : إن ذلك يزيدهم قوة وشدة ، والأنجح لكي ننتصر على الإسلام والمسلمين هو إضعاف تياره المتدفق بكثرة الفروع والجداول باسم الإسلام وهذا ما نفعله .
ولكني أرى أن الله لا يضيع أمة العرب لأنهم حملة رسالته ومتى ما عادوا إليه أعاد الله إليهم مجدهم السالف .
كان رحمه الله له الفضل الكبير في توعية الناس أثناء ما مر به بلد الرافدين من حصار شامل فرضته قوى الشر ( أمريكا ) على العراق قبل أكثر من عقد من الزمن وكان يشدد على أن هذه اللعبة بداية مشوار لتجزئة تطال البلاد العربية ، فهو يقول في هذا الشأن : نحن نمر في ظرف الاحتلال وما نتعرض إليه من ظلم وما يدعيه أعداء الإسلام من الغرب الظالم وأمريكا وما يُدعى بالنظام الدولي الجديد هو مجرد لعبة الغلبة فيها للأقوياء ، فلا مكان للحق أو العدل في منظورهم ، والمشكلة أن الجمعيات الإنسانية وغيرها سكتت كالقبور فلا ترفع صوتاً أو رأساً ، وإلا أمريكا تعرف أن العراق بلد العلماء وبلد الأولياء وبلد المجاهدين وبلد الرجال الأبطال الأشاوس ، إنهم يريدون للعراق احتلالاً وحصاراً وموتاً وهزيمة لن تتحقق بعون الله تعالى سنخرج إن شاء الله منتصرين مرفوعين الرأس عملاً بقوله ( إن تنصروا الله ينصركم ويُثبت أقدامكم ) وما علينا في ظل هذا الحصار الظالم والاحتلال الغاشم إلا أن نتعاون ، ولا يشغل بعضنا بعضاً وأن نعمل بمقتضى قوله ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثمِ والعدوان ) وأن هذا القول الحكيم هو خير سلاح نواجه به المحتلين .
وعند كلامه عن الصحوة التي زخر بها العالم العربي والاسلامي في ظل بداية عودة الناس الى شريعتهم يتحدث الشيخ صبحي الهيتي قائلاً : الصحوة التي نمر بها أمرٌ مفرح وعظيم جداً ، على الشباب فيها أن يحسنوا التلقي ، وعلى العلماء أن يجيدوا التوصيل وإذا كان بينهما اخذُ وعطاء فإن المحصلة النهائية هي الفائدة للجميع ، بمعنى آخر يجب علينا أن نستغل هذه الفترة في ظل هذه المحنة وان يحاول الجميع استغلال ثمارها حتى تنقلب إلى منحة وما يقول الشاعر :
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولا تلين إذا كانت من الخشب
ولا يفتأ الشيخ الفقيد أن يقدم النصح لشباب الاسلام في كل مناسبة فهو يكرر النصح لهم دائماً ، وكان يقول : نصيحتي للشباب اليوم أن لا يعتد أحد برأيه وحده ويتجاهل سواه ، وان لا يعد نفسه العالم الأوحد ، بل يجب أن ينظر إلى نفسه انه تلميذ يتعلم من الجميع بنفسٍ طيبةٍ كريمةٍ وان يتواضع للعلم ، لأن العلم كالماء إذا أرسلته انحدر إلى الأرض الواطئة ولا يصعد إلى الأعلى ، وهكذا العلم يتوفق فيه من تواضع ويخيب فيه من تكبر واستعلى ، أما من يسلك غير ذلك من الشباب فأخشى عليهم من الانحراف ، لهذا انصح الشباب دائماً بضروة التعلم وحسن التلقي والتواضع والله يهدي إلى سواء السبيل ...
وكان رحمه الله يقول : أتمنى من أبنائي الشباب وإخوتي الشيوخ أن يُدركوا أن هذه الأمة مستهدفة بكل ما فيها وبغض النظر عمن يشغل منصباً أو وظيفة أو لا ، الغني والفقير على حد سواء وعلينا جميعا أن نقف في خندق واحد مستعينين بالله تعالى طالبين رضاه والله الموفق .
وفي الوقت الذي كان الشيخ الفقيد يحب فيه الشعر الذي يدعو ألى الحكمة ومكارم الاخلاق كما يسميها هو رحمه الله ، فإنَّ جمعاً من الشعراء أثنوا عليه وقالوا بحقه أبياتاً لا بأس بالتطرق إلى بعضها ،، فقد نظم له الشيخ المرحوم عبد الغفور فواز الهيتي – وهو من العلماء الذين عاصروا الفقيد - هذه القصيدة :
يُحذرُني أهلي وكلُ قرابتي
من العيشِ في أكلٍ وشربٍ ولذةٍ
وقد صار في جسمي نماءٌ وسمنةٌ
فلا خيرَ في عيشٍ بفقرٍ وحاجةٍ
وقد قالَ ربي قولَ حقٍ وصادقٍ
وقد حيرتني من زماني أُموره
وقد عشتُ أيامَ الحروبِ وكربها
ملابسُنا خزٌ وكتانُ قومنا
ففي السوق ما احتاجه من بضاعةٍ
وإن كنتُ محتاجاً لمالٍ طلبتهُ
وصيرني الزمان بوقتٍ أعيشهُ
بمن أقتدي يا ناسُ والكلُ جائرٌ
فمن مالكٌ للمال زادَ حسابهُ
عتبتُ على أعل العمائمِ واللحى
فهم يجمعون الناس للعلمٍ والتُقى
خذوا حِذركم قبلَ الفوات أوانُهُ
ومن يحفظ الإسلام إن كان بينكم
فصونوا حمى ربي وصونوا عبادهُ
عتابي على أهلِ العبادةِ والتقى
فهاكَ أخي في الله نظماً نظمتهُ
وينشدُها عبدَ الغفور بسرهِ
ويمنعني قومي وكلُ أحبتي
ونومٍ هنيءٍ يجلبُ الخيرَ راحتي
تُقربُ مني كلَ يومٍ منيتي
إذا لم أُوفر في الحياةِ سعادتي
كُلُوا واشربوا والخير ترك الزيادتي
ومن بعدِ عيشٍ ناعمٍ ومسرتي
بأحسنِ عيشٍ والطعام بوفرةِ
وفي السوقِ حاجاتٌ تفي كل حيرتي
قليلٌ من الأموال يُوفي بحاجتي
لوقت قصيرٍ ثمَ أوفي بسلعتي
أرى الناسَ مهمومون من سوء المعيشةِ
وليسَ لهم شأنٌ سوى كسب لقمتي
وفي المال تصريفُ الأمور وقدرتي
عتاباً له في القلب خير المودتي
وتأليفُ قلب المرءِ لله طاعتي
وصونوا لنا جمعاً يُساسُ بوحدتي
خلافٌ وتفريقٌ وقطعٌ مودتي
ومن غيرُكم أولى بخيرٍ مهمتي
ومن في علوم الله فازَ بجنةِ
إليكَ أبا ستار أهدي قصيدتي
لعلي أحظى عندكم بمودتي
ومرة كتب الشيخ عبد الغفور الهيتي رحمه الله قصيدة منها :
إليك يا صبحي فقد زففتها فأصلح بنات الفكر إن أفسدتها
وقد بعثها إلى فضيلة الشيخ صبحي فلما قرأها كتب إليه قائلا :
أعبد الغفور والفؤادُ مشوقٌ
كان الرجز لما أنت تنظمه
وما أنا كل ما في الأمر إلا طالبٌ
فعفواً على شعري فلست بشاعرٍ
إلى نُصحٍ بعقدِ نظمك يُنمَقُ
عقيق بجيد الغانياتِ مُعَلقُ
أأصلح يا مولاي ما أنتَ تُنسق
ولا أنا للشويعر سابقُ
ومدحه الشاعر المعروف الأديب الفقيه السيد عبد الستار الحسني البغدادي مخاطباً فضيلة الشيخ في جامع هيت الشرقي 1416هـ قائلاً له :
لما رقى الأعوادَ صُبحيُّ العُلا
فكأنها إذ يرتقيها هالةٌ
ووثيقُ مِقولِها يُشيدُ بفضلهِ
ويُعيدُ مال قال الوليد وإنه
( ولوانَّ مشتاقاً تكلف فوق ما
كادت تُهللُ بهجةً وتُكبرُ
وكأنه البدر المنيرُ الأزهرُ
ولوصف معناه الجليلُ يُخَّبِرُ
لأحقُ مِمّن قد عَناهُُ واجدرُ
في وسعه لسعى إليهِ المنبرُ)
وكذلك مدحه السيد عبد الستار الحسني البغدادي عند زيارته له في داره في 9 رجب 1416هـ قائلاً له :
حيَّ المفاخرَ في هيتَ العُلا وهِمِ
وعَدَّ فكرك من تذكارِ كاظمةٍ
بنتُ الفراتِ بحقٍ إن هي انتَسبَت
وقد تألقَ في صُبحيها غَبَشٌ
من في الخِِطابة أضحى كُل ذي لسنٍ
إذا رقى سامقُ الأعوادِ عادَ أخو الـ
وفي الفقاهةِ والآدابِ مدرسةٌ
به غدا مذهبُ النُّعمانِ مزدهياً
أبا السَميَّ سَموتُم في معارفكم
( ليتَ الكواكبَ تدنوا لي فأنظمها
بعشقها لا بريم البانِ والعَلَمِ
بذكرِ بلدةِ أهل الجودِ والكرمِ
فليس تحمل يوماً مِنَّةَ الدِيمِ
أحالَ شمسَ نهارٍ داجي الظُلمِ
تلميذ منبره في العُربِ والعجمِ
بيانِ في جنبه يُعزى إلى الديمِ
على حماها سوى الموهوب لم يَحُمِ
إذ صار في فقههِ كالمفردِ العَلمِ
فأنتمُ منهل العِرفانِ والحِكمِ
عقودَ مدحٍ فما أرضى لكُم كَلِمِ)
وكان الشيخ صبحي الهيتي - رحمه الله – متواضعاً وقوراً صاحب خلق ، محباً للصغير والكبير، ولا يُمل مجلسه أبداً ، وكان يحبه قومه وابناء بلدته كثيراً ، فما إن تسال احداً من أهالي مدينة هيت إلا ويقول لك انك تسال عن علم في رأسه نار ، كان ينزل الى السوق ويجلس مع الناس ويشاركهم في أحزانهم وأفراحهم ...
كان الشيخ رحمه الله مسدداً يقول الحق ولا يخش فيه لومة لائم ، ويتحدث الشيخ عن بعض المواقف التي مرت به ، ولا بأس بنقل واحدة منها مما تعرض له الشيخ في موقف بعد الاحتلال ، يقول الشيخ الفقيد - رحمه الله - كنت جالساً في البيت وجاءني جنرال أمريكي وقال لي أنت صبحي الهيتي قلت له نعم قال لي نحن حررناكم!! قلت له لا بل أنت دمرتمونا وزرعت الرعب فينا قال أيهما أفضل زممنا أم زمن صدام قلت له زمن صدام قال لي لماذا قلت له ؛ لأني كنت أخطب وألقي المحاضرات وارجع الساعة الرابعة ليلاً من بغداد وانتم اليوم الذي يخرج تقتلونه وتعتقلونه ... ولما ولى الجنرال ، وقف الشيخ أمام البيت وقال أبيات من الشعر منها :
مشيناها خُطىً كُتبت علينا ومن كُتبت عليه خُطى مشاها
ومن وقعت منيته بأرضٍ فليس يموتُ في أرضٍ سِواها
وأخذته عبرة البكاء رحمة الله عليه .
كان فقيدنا شديد الخشية من ربه ، ولطالما وجدناه يبكي في خطبته وصلاته عند سماع الآيات البينات ، ويتحدث بعض طلبته فيقول : دخلت مرة المسجد الذي يقرب من بيتنا جامع سيدنا إبراهيم الخليل فوجدت الشيخ صبحي الهيتي رحمه الله يجلس قبل الخطبة في الغرفة وهو يبكي فتعجبت من بكائه فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال ( شيبتني هود ) وإذا القارئ يقرأ في سورة هود فأجهش الشيخ بالبكاء متاثراً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم .
واذا كان الانسان قد كتب عليه أن ينال نصيبه من هذه الحياة الفانية ويغادر حيث البرزخ فالآخرة ، فإننا فقدنا شيخاً كبيراً وعالماً نحريراً أحوج ما نكون إلى امثاله في عصرنا الراهن ، فقد توفي الشيخ يوم الثلاثاء الموافق لــ 12/12/2006م عن عمر يناهز الثمانين سنة ... وقد نعته الجوامع والمدارس والجامعات وهيئة علماء المسلمين وديوان الوقف والإذاعات والفضائيات وقد شيع تشيعاً مهيبا ثم أقيم مجلس العزاء في بيته وحضرة الناس من كل حدب وصوب وأقيم له احتفال تأبيني حضره جمع غفير من العلماء وطلبة العلم من تلامذته ومحبيه ...
وهذا نص نعي هيئة علماء المسلمين لفضيلة الشيخ صبحي الهيتي رحمه الله :
تنعى هيئة علماء المسلمين في العراق فقيدها العزيز الشيخ (صبحي خليل الهيتي) عضو الهيئة الاستشارية لهيئة علماء المسلمين فرع هيت الذي وافته المنية صباح أمس الثلاثاء 12/12 عن عمر ناهز الثمانين عاماً. والفقيد هو أحد أبرز طلاب الشيخ (عبد العزيز السامرائي) رحمه الله، وقد شغل مناصب عديدة أهمها رئيساً لرابطة علماء الأنبار ورئيساً للمجلس العلمي في المحافظة وعمل خطيباً لكثير من المساجد في العراق ثم انتقل آخر سنوات عمره الى مدينة هيت وانشغل بتدريس طلاب العلم والوعظ والإرشاد. وبفقده خسرت بلادنا عالماً فاضلاً وهب حياته لله تعالى ولخدمة الإسلام والمسلمين ويُشهد له بأنه بذل الكثير لدعم القضية العراقية.
وتأتي وفاته في وقتٍ أحوج ما نكون فيه إليه وإلى أمثاله من الرجال المخلصين الصادقين الذين يسهمون في توجيه الناس إلى ما فيه الخير والصلاح .
ولا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن نتضرع إلى الله تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين... وإنا لله وإنا إليه راجعون .
* * *
فرحمة الله الواسعة عليك يا فقيدنا الغالي ، ونسأل الله تعالى ان يعوض الأمة بمن هو مثلك اخلاصاً وعلماً وثباتاً ، واللهَ نسال لك الرحمة والمغفرة والرضوان ، وجنات الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفقياً
محاظرات
الشيخ
صبحي الهيتي
*********
محاضرة
- الشيخ صبحي الهيتي الزكاة
*****
محاضرة
- الشيخ صبحي الهيتي الصلاة
*****
محاضرة
- الشيخ صبحي الهيتي الصيام والحج
*****
محاضرة
- الشيخ صبحي الهيتي بر الوالدين
*****
محاضرة
- الشيخ صبحي الهيتي حديث الإحسان
*****
محاضرة
- الشيخ صبحي الهيتي فتح مكة 20 رمضان
*****
محاضرة
- الشيخ صبحي الهيتي معركة بدر الكبرى 17 رمضان
*****
محاضرة
- الشيخ صبحي الهيتي موعظة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق