الثلاثاء، 17 أبريل 2012

::




لمــاذا الكتــاب


 في البدء , كانت أرض مابين النهرين , وفي البدء , كانت أرض العراق العظيم .

 بلاد الحضارات التي أشرق مع السومريين وحروف الكتابة حضارات تعاقبت وتركت آثارها

 القيمة على الأرض , أرض الرافدين .

 شواهد تحكي قصة شعب عمل وكدّ واجتهد , فاستقى العالم كُل معارفه من حضارات

 قامت على ضفاف هذين النهرين الخالدين , دجلة والفرات .

 هو العراق بوابة الأمة الشرقية وحارسها , تعاقبت عليه الغزوات من كُل حدب وصوب

 وشهدت أرضه سقوط ممالك ودول .


 وفي العصر الحديث , شهد العراق تطوراً تنموياً هائلاً , إقتصادياً وبشرياً وثقافياً وصحياً

 وعسكرياً بعد تأميم نفطه الذي أصبح بيد أبنائه بعد أن كان بيد الأجنبي , فقضى على

 الأمية , وشهد لع العالم بإنجازاته في المجال الصحي والعلمي والتكنولوجي , وبنى

 جيشاً يعتبر رابع جيش في العالم من حيث تجهيزه وكفاءته , وانتصر على ألد أعدائه في

 حرب لا نظير لها , ونال أبناؤه الكرد أفضل الحقوق قياساً على نظرائهم في الدول المجاورة .

 وشهدت هذه المرحلة تطوراً صناعياً وتورة علمية هائلة , رغم أن هذه الفترة كانت من

 أصعب المراحل في تاريخ العراق الحديث

وهي الفترة الممتدة بين الأعوام 1968و 2003 .

 حرب طويلة امتدت لثماني سنوات , وحرب عالمية عام 1991 , وحصار دام أكثر من ثلاثة

 عشر عاماً , ثم حرب وعزو أمريكي بريطاني صهيوني إيراني .. أحداث دامية ..

 يرويها الرئيس صدام حسين في هذا الكتاب وفي وثائق لاحقة .

 في عام 2005 عرضت على الرئيس الأسير صدام حسين في المُعتقل الأمريكي فكرة تدوين مذكراته لنشرها , وافق الرئيس على الفكرة وشجعني على تنفيذها .

 غير أن حرس السجن الأمريكيين حرّموا علينا تبادل أية أوراق حتى ربيع 2006 .

 ولم يكن الرئيس يثق بأن الأمريكيين سيسمحون له بتدوين مذكراته لنشرها , غير أنه تحمس للفكرة وقال لي :

 " من الضروري تدوين مذكراتي , فالأعمار بيد الله , وسأروي لك كل ما تُسعفني به ذاكرتي , لكي تدونه ".

 قبل ذلك , وفي إحدى جلسات التحقيق التي يُديرها ( القاضي ) منير حداد , سلمني الرئيس بعض الأوراق من مذكراته المكتوبة بخط يده , لكن الكابتن مايكل ماكوري ( مدير مكتب الإرتباط الأمريكي )
 طلب من الرئيس إعطاء هذه الأوراق إلى القاضي الذي استلمها ووعد بتسليمها لي حال قراءتها والتأكد من محتواها , ولكنه لم يفِ بوعده , وعندما سألني الرئيس عن مصيرها , أخبرته , فغضب .
 وبعدها اتفقنا على إملاء هذه المذكرات وتمريرالكثير منها بخط الرئيس وتوقيعه .

وهكذا , حملت نفسي مثلما حملني الرئيس صدام حين مسؤولية إيصال حقيقة ما جرى في بلدنا الحبيب قبل الغزو والإحتلال وبعده على لسان قائد بلدنا الشرعي , بدءاً من طفولته ثم توليه القيادة , مروراً بمرحلة البناء والمراحل العصبية التي مر بها العراق وخصوصاً حملة الغزو والإحتلال الأمريكي عام 2003 , وما تلا ذلك من أيام لم يشهد لها العارق مثيلاً في كل تاريخه من حيث القسوة والأحتلال وحلفائه وأتباعه ووحشيتهم وإجرامهم وحقدهم على العراق وشعبه من جهة , ومة حيث بسالة شعبنا العارقي وهمته وشجاعته وصموده وتضحياته وبطولات أبنائه في مواجهة الإحتلال من جهة أخرى .

 وقد آليت على نفسي أن أكون أميناً على نقل ما يرويه لي مما كان يتذكره ويريد إيصاله إلى شعبه وأمته , فضلاً عن إجاباته على تساؤلاتي الكثيرة عن جوانب شتى من هذه المسيرة المُباركة .

 وقد ألح علي أن أدون كُل ما يقوله ويرويه , لأنه كان يتوقع أن يصفيه الأمريكيون جسدياً وفي أي وقت , وترك لي طريقة عرض مذكراته واختيار دار النشر .

 وسألني عن عنوان الكتاب , فقلت له أن لدي عناوين عدة , أولها " العدلة خلف القضبان " .

 فاقترح هذا العنوان , ولكنني أخبرته أنه ربما يكون عنواناً لكتاب يتعلق بكل ما حصل داخل المحكمة .

 عندها ترك لي حرية تسمية الكتاب الأول المُتعلق بالمذكرات التي أملاها علي .

وها أنذا أقدم ما رواه لي الرئيس صدام حسين , الرئيس الشرعي لجمهورية العراق من ذكرياته عن جوانب أساسية من حياة العراق ومسيرة دولته الوطنية لما يقرب من أربعة عقود , عبر كل مراحل التحدي والبناء والدفاع عن الوطن التي سبقت عدوان 1991 وتلك التي أعقبته وصولاً إلى مرحلة الغزو والاحتلال والمقاومة الباسلة لمشروع الاحتلال .

 إن هذه الأوراق وثيقة تاريخية مهمة , أقدمها لشعبه العراقي ولأبنا أمته العربية والإسلامية وللرأي العام العالمي , ومثلما أقدمها للتاريخ ليكونوا جميعاً حكماً على سيرة صدام حسين القائد التاريخي العراقي العربي المُسلم , وصدام حسين الإنسان والمُجاهد والمؤمن الذي قدم حياته راضياً شامخاً فداء لوطنه وقضيته ومبادئه وعقيدته الوطنية العربية الإسلامية .

 لقد أبدى عدد كبير من رجال السياسة والقانون والأدب , أصدقاء وأشقاءً , رغبتهم في أن يكتبوا عن الرئيس الشهيد صدام حسين , ولكن الحيز محدود , ولم يتسع إلا لكلمة ذات دلالة ورمزية عالية تُلخص كثيراً من الكلام , كتبها صحافي ومُثقف عراقي بارز كان معارضاً للرئيس وللنظام الوطني العراقي .

 ومُلاحظه إلى القارىء الكريم :
 إن كتاباً واحداً لا يتسع لمذكرات الرئيس الشفوية ةالخطية التي بلغت مئات الصفحات , بالإظافة إلى الشعر الذي ناهز الألف بيت .

 لذا أكتفي في هذا الكتاب بنشر مذكرات الرئيس الشفوية على أن أنشر مدوناته الخطية لاحقاً .

 يقول أحد الفقهاء : " لا يكتب إنسان كتاباً في يومه إلا قال في غده : لو غيّر هذا لكان أحسن , ولو زيد هذا لكان يستحسن , ولو قدم هذا لكان أفضل , ولو ترك هذا لكان أجمل .
 وهذا من أعظم العِبر , وهو دليل على إستيلاء النقص على جملة البشر ".

 أما ما نقدمه بين دفتي هذا الكتاب , فهو ليس تأليفاً أو قصة أو رواية يمكن إستبدال عباراتها أو كلماتها , لأنها شهادة بل وثيقة لا يمكن أن تُفسر أو تؤول أو تُغير كلماتها .

 إنها شهادة على لسان أحد صانعي تاريخها , تاريخ العراق الحديث , وثيقة تتحدث عن الظلم الذي وقع على العارق الحبيب , والدسائس التي حيكت ضده في الخفاء والعلن .

 أرويها بكُل أمانة في هذا الكتاب , ونتحفظ على بعض الامور المهمة نرويها حين تتغير ظروف العراف .

 ونستثني من كل ذلك الامور الخاصة المُتعلقة باعتبارات شخصية تتعلق بالرئيس صدام حسين .

ويسعدني هُنا أن أسجل أسمى الشُكر والتقدير والعرفان لكُل من أسهم في نشر هذا الكتاب , ولكل من ساعدني بالفكرة النزيهة المُخلصة وبالأعمال الفنية المُتصلة بالتحرير والمراجعة وترتيب عملية النشر النهائية , وإلى كُل الذين تطوعوا جنوداً ومجهولين لمساعدتي في إنجاز الكتاب .

 لهم جميعاً مني ألف تحية وألف شُكر , وفقهم الله ووفقنا جميعاً لخدمة عراقنا الحبيب وأمتنا العربية المجيدة , والله ولي التوفيق .

المُحامي خليل الدليمي 
رئيس هيئة الدفاع

ليست هناك تعليقات: