الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

هيت".. المنسيّة

هيت".. المنسيّة


على ضفاف نهر الفرات هذا توجد العديد من المدن العراقية في محافظة الأنبار،

تحمل الكثير من المعالم التاريخية حيث توجد أقدم ثالث قلعة في العالم في مدينة هيت،

وتوجد النواعير وتوجد عيون الكبريت والجزر المخيفة.

اليوم رحلة خاصة إلى مدينة هيت للتعرف على طبيعة تلك المدينة والمعالم التاريخية.
"هيت".. المنسيّة

رغم صغر حجمها إلا أنها كبيرة بتاريخها فهي من أقدم المدن في العالم، حيث تعد قلعتها

من القلاع الثلاثة التي اشتهرت في العالم في عصر ما قبل الإسلام، كما أن منارتها التي

بناها الخليفة الثالث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما زال شاخصة إنها مدينة هيت العراقية.

وليس القدم في المباني والآثار بل إن سكانها امتزجت دمائهم بترابها، رغم اختلاف

عقائدهم وأديانهم. ويخبرونا أهلها أن اليهود كانوا في هذه المدينة أكثر من أي مدينة أخرى

في وادي الرافدين، وأن ذرياتهم ما زالت تسكن فيها.
.

بالنسبة لليهود سكنوا قرب ضفاف الأنهار، وهنالك شوارع تسمى شوارع اليهود اللي هو

قريب من الكورنيش الموجود حاليا،

هذا كان اسمه الكورنيش. أما أعدادهم أنا على ما أعتقد قد تجاوز الستين شخص اللي

سافروا،


والأن إلى القلعة القديمة وفي هذا المكان كان اليهود يسكنون حتى عرف بدرب اليهود من قبل أهالي هيت والبو نمر.
لا يمكن وضع سقف زمني للمدينة، حيث أنها ذكرت في زمن نوح عليه السلام عندما طلع

قاربه القارب من قير هيت، لكن تسألنا عن الفترة الزمنية ربما حسب ما يقال أكثر من 3500 قبل الميلاد.



الأزقة الضيقة هذه هي آثار ما تبقى من آثار القلعة وهذه خنادقها، ويبدو أن كانت منيعة

جدا إذ لها أربعة أبواب، باب السنجية المطل على القرى المحيطة بالمدينة، والباب الغربي

المتكون من بابين، والباب الشرقي وباب السور، الذي كان يعتليه حارس يضع تحته آلة

ضاغطة تصدر أصواتا عند ضغطها لتنبيه من في داخل القلعة عن حدوث أي خطر.

ويقول احد المؤرخين هيت القديمة القلعة بالعامية أحنا نسميها الولاية،

الولاية بنيت على شكل طبقات كل ما تنهّد كل فترة من الزمن تتجدد وتنهّد تبقى الأنقاض

وتبنى فوقها، إلى أن هسه حاليا انقرضت 80 آخر من السكان موجودين،

ظل قسم من البيوت داير مدار القلعة كان القلعة لها سور ولها أربعة أبواب،

باب السنجة والباب الغربي والباب الشرقي هي أبواب تغلق بعد المغرب، عمر القلعة أكثر من 4000 سنة قبل الميلاد.

عند الوقوف على أطلال القلعة تشاهد نهر الفرات وجزره المخيفة هناك، ترى ماذا يوجد

خلف هذه الأدغال؟ ولماذا لا يوجد طريق للدخول إلى هذه الجزر؟

يقول المؤرخ موجود عندنا جزيرتين جزيرة الفليوي غرب هيت حوالي 10 كيلو غرب هيت،

وجزيرة الحويجة أكو عندنا منطقة غرب هيت من منطقة العطاءات،

يوجد جسر قصر سادة ولا تزال أطلاله قائمة ولكنه تعبان منتهي، وبالصحراء على اليمين

من جزيرة العطاءات بعمق 7 كيلومترات توجد هناك مغارة مغارة أم جذوع، مغارة تحت الأرض

الفتحة لا تتجاوز 80 سم، من تنزل للداخل على عمق ثلاث مترات أو مترين ونصف إلى

الخمس مترات ساحة كبيرة متدلية منها أعمدة كأنها جذع النخل، ولذلك سميت أم الجذوع.


أساطير حول جزر محيطة بهيت

وتلك الجزر كانت تدور حولها الأساطير، وإنها سُكنت من الجن هكذا يقول أهل المدينة.

وبعضهم يطالب زوار المدينة بعدم الذهاب الى تلك الأجزر الا مع دليل من اهل مدينة هيت 



ولكنها ليست كما يقال إنها جميلة وممتعة وفيها فاكهة لذيذة ومع ذلك فما زالت الأساطير

عن وجود الوحوش فيها كثيرة، ولذا فإن بعض الأماكن لم تطأها قدم إنسان حتى اليوم.

ويطلق عليها اسم حويجة آل بيت ردعان هم المنطقة اللي ساكنين،

أخرى تعود إلى بيت الفليوي تسمى بيت الفليوي أيضا أهلها مستغلينها بالزراعة، حويجة بيت الفليوي.
.


وانت على متن القارب تستوقفك أسوار كبيرة تزين نهر الفرات ف إنه النواعير جلابة الماء

للناس قيما وآثار اليوم.

ويقول احد المؤرخين بقديم الزمان يعني مئات السنين هي تشتهر بالناعور كأداة لسقي

الحقول والبساتين، تمتد على ضفاف نهر الفرات من هيت إلى عانة.


تلك النواعير لها حنين كحنين الثكلى على ابنها، حيث ان تلك النواعير هى التى كانت

تسقى المحاصيل الزراعية قبل دخول الماتورات

النواعير فى هيت أنها تختلف عن نواعير الشام، والمثير للسؤال إن لها مسميات تنادى

بها في هيت، وقصص كثيرة ما زالت في ذاكرة كبار السن في المدينة.



يقؤل احد الموؤرخين تختلف نواعير هيت عن نواعير حلب الموجودة في سوريا،
نواعير سوريا تتكون من الحديد بينما نواعير هيت من الخشب،

من أغصان الأشجار والأواني الفخارية لنقل المياه من النهر إلى الساقية ومن ثم إلى البساتين.

قصص الحب وقصائد الشعراء في كل مكان جميل.. وطبعا لا يمكن أن يفوت الشعراء هذا

الجمال فكانت لقصائدهم نكهة خاصة، وهم يشبهون ويتغنون بحب النواعير أسوة بالحبيب فقالوا فيها:

وحنت من غير شوق ولا وجد.. يفيض لها دمع المنتشر العقدي

أحن إذا حنت وأبكي إذا بكت.. وليس لنا من ذلك الفعل من بدي.

ومن النهر إلى اليابسة حيث ذلك الدخان المنتشر في سماء المدينة الصادر من عيون

الكبريت المنتشرة في بعض أجزاء هيت،

عين اعتاش عليها أناس واستطب بها آخرون، إذ يرتاد هذه العين المسماة عين الجرب

المئات من المصابين بأمراض جلدية عجز الطب عن مداواتها،

بعد أن انتشر خبر نجاعتها في القضاء على أكثر الأمراض، واتفق هنا الطب الحديث مع الطب القديم أو طب العرب.

ويقول احد اطباء مستشفى هيت 

للعيون الكبريتية التي تنتشر وتغطي مساحة واسعة من قضاء هيت فوائد الصحية جمة،

وبالإمكان استخدامها في علاج بعض الأمراض الجلدية الشائعة في المنطقة من قبيل

الجرب،

وكذلك أمراض الفطريات، فيما يتعلق باستخدامها في معالجة مرض الجرب هناك مستحضر

اسمه مستحضر الكبريت 10%

وهذا ممكن أن يحضر بالصيدليات بشكل أصولي وعلمي، وبالإمكان أن تستخدم المياه

اللي تخرج من العيون اللي تحتوي على مستوى جيد من الكبريت لأغراض يتم دلك

الجسم بها،

وتُترك على الجسم لفترة ويمكن أن يعاد استخدام هذه المياه مع وجود بعض الطين وياها

الطين المخضب بالكبريت يمكن استخدامها يوميا لثلاث أيام أو أكثر، وتؤدي إلى نتائج جيدة.


قدرة الخالق.. عيون امتزحت الماء فيها بالنار

عيون أخرى في غرب العراق هذه المرة امتزجت النار بالماء ليس بفعل ساحر بل بقدرة الله،

إنها عيون القير التي كانت مفتاح سعد لمن تخرج في أرضه، فأم لقاء تعيش على عين

القير التي ظهرت في أرضها منذ مئات السنين.

ولأهمية القير باعتباره مادة أساسية في مسيرة البناء والإنشاء يأتي من مختلف البلد

تجار يبحثون عن أفضل أنواعه لشراءه، إضافة للباحثين الذين مروا مرارا على هذه العين

لاستكشاف طبيعة الأرض والمزيد من العيون فيها

ويبدو أن مدينة هيت قد أضحت واحدة من المدن الرئيسية في العصر البابلي القديم حيث ذكرها الملك حمورابي .. وذكرت هيت بأسماء عديدة .. وهي تعد من الحصون القوية للمملكة الآشورية على نهر الفرات .

أما هيرودوتس الذي عاش بالقرن الخامس ق.م والذي كتب وصفا دقيقا وشيقا لمدينة بابل ..وذكر اسم هيت بصيغة ( IS آيس ) ويذكر إنها كانت مصدرا مهما للقير ذو النوعية الجيدة وتحوي على كميات كبيرة من الكبريت . ويروى أن القير الذي استعمله نبوخذ نصر في أسس مدينة بابل كان قد أخذ من مدينة هيت ، كما ذكر في الكتب السومرية استعمال القير في تبليط الشوارع وفي صناعة السفن وفي أدوات الشرب .
والماء الكبريتي يشفي كثير من الأمراض الجلدية للإنسان والحيوان .


وذكرت هيت في المصادر اليونانية والرومانية باسم ( اينو ) وهو الاسم الذي منح البلدة اسمها وان اختلفت تسميتها عبر العصور المتلاحقة .

وقد استورد المصريون النفط من العراق وخاصة من مدينة هيت ابرز المدن العراقية في تجهيزهم بتلك المادة وذلك لاستخدامه في صنع وتحنيط المومياء .

وفتحت هيت في زمن الخليفة عمر بن الخطاب (رض) عام (16) هجرية وشاركت في النهضة الحضارية التي عمت بلاد الرافدين واعالي الفرات حتى الشام ولها دور فعال في البناء والتاريخ .


وتعتبر من المراكز الثقافية في العصور الإسلامية وقد ذكر من رواة الحديث والعلم في معجم البلدان الجزء الثاني أن الشيخ عبد الله بن المبارك كان أحد أعمدة العلم والحديث المشهورين في هيت والذي توفى ودفن فيها ، ومن أقواله في العلم " أول العلم النية ثم الاستماع ثم الفهم ثم العلم ثم الحفظ ثم النشر " ويمثل مكانة عالية في نفوس طلابه لخلقه وأدبه وكرمه .

وهناك شخصيات إسلامية لها مكانتها المرموقة في تاريخنا الإسلامي من أمثال و( اويس القرني ) وهو من المؤيدين للإمام علي بن أبي طالب (رض) استشهد في معركة صفين . والشيخ ابو يزيد البسطامي والمدفون في قرية بهيت.

ولأهمية هيت التاريخية فقد حفر فيها الخندق المشهور بجري سعدة أو خندق سابور الذي يأخذ الماء من الفرات وينحدر حتى مدينة البصرة ولا يزال فوهة هذا الخندق على الضفة اليمنى للفرات .

وقد وجدت رسوم الناعورة في التحف المنقولة وفي الرسوم الجدارية.ففي مخطوطة ( بياض ورياض ) المحفوظة في مكتبة الفاتيكان وهي من القرن السابع الهجري 13 م وفي رسوم يحيى الواسطي الفنان العراقي الأول ضمن منمنمات مقامات الحريري المؤرخة سنة 1337 المحفوظة في دار الكتب بباريس في فرنسا والرسم عبارة عن صورة توضيحية للمقامة الرابعة والعشرين ويلاحظ في الرسم مجموعة من الرجال في مجلس طرب وانس يجلسون حول ساقية تصب فيها مياه النواعير*.

وكانت هيت من المراكز المهمة في العصور الإسلامية وبهذا المعنى أشار ياقوت الحموي ( أن سقى الفرات كورا من الانبار و هيت قد نسب إليها قوم من رواة العلم في معجمه ) وكذلك ارتبطت هيت بالقرى المجاورة لها بعدة طرق منها القوافل التجارية والمواصلات التي كانت تسلكها الحملات العسكرية من الشرق إلى الغرب .
وذكرت هيت في كتب التاريخ والأدب .. إذ كانت منتجعا ومصيفا رائعا لجمال طبيعتها وهوائها العليل وصوت نواعيرها الشجي وخاصة في ليالي الأنس وتربتها الخصبة في انتاج فواكه وخضر ذات نكهة طيبة كما ذكرها السبنسي شاعر سيف الدولة .

ليست هناك تعليقات: